الاثنين، 23 يونيو 2025

غرباء المُدُن

 تبني الخط الوسط، و الانفتاح على غرباء المدينة غير منظور المسميات و الاشياء بالنسبة لي. 

لقاءات عابرة مع غرباء. لا احكم عليهم. و لكن استمع لهم كمن يستمع الاستاذ لطالبه استمع و اصغي بكل هدوء.. 

نوادي الليل:

ما ان تتجه عقارب الساعة عند منتصف الليل حتى يظهر غرباء المدن في نوادي الليل . تحكي لي غريبة المدينة التي اتحفظ عن ذكر اسمها او بلدها. تعتدل في جلستها، هي تجلس في الزاوية المقابلة لي. تمسح بمنديل مكياج سهرتها الاخيرة. تمتعض، تمط بشفتيها، تمسح قلم الحمرة، ثم تٌكمل: لكل نادي جلسة مختلفة و زبائن مختلفين، و حتى الملابس. بعض النوادي الليلية لا يسمحون ب "الشورتات" على سبيل المثال. البرستيج مهم ايضا. تعتدل في جلستها غريبة المدينة هذه، ترد صاحبتها الاثيرة بلغة فرنسية: ايه ليس كل النوادي لنفس الفئة. 

استمع، و انا اقوم بترتيب بعض من حاجيات ملابسي، اسأل سؤالاً تلو الآخر: و ماذا عن النادي، متى تذهبنَ ومتى تُكملنَ؟ 

ترد غريبة المدينة، بعدما أكملت مسح قلم الحمرة: ايه، نذهب عند الساعة الحادية عشر في الليل، او ربما عند منتصف الليل. كٌلما تأخر الوقت كلما زادت المتعة. تهز كتفيها، في التفاتة الى النشوة و السعادة. أكملت: و متى تعودنَ؟. تعتدل في جلستها الغريبة: عند الصباح! ما ان تنزل الشمس مُرحِبةً بالمدينة حتى نكون قد انتهينا. انت لماذا تسأل يا غريب؟ أُجيب: معلومات عامة لا أكثر.


تنزل صديقتها، تُمثل دور الشباب تحبس نفساً، تنفخ صدرها تٌقلد شاباً مراهقاً في النادي الليلي: الشباب همهم الوحيد هو جذب النساء اليهم، اراد ثُلة من الشباب ان يرقصوا معنا لكننا رفضناهم، نحن فقط نريد ان نهزّ أكتافنا. لدي حبيب و صديقتي المجنونة هذه أيضاً. 

تعود الى سريرها، تكمل غريبة المدينة: كان هنالك "عركة" البارحة. "حقاً ؟ " اجبت. نعم، اكملت. ثلة من المراهقين الاطفال كانوا يرشون الخمر على اجساد النساء و فساتينهن. انظر هذا فستان سهرتي من البارحة. لقد افسدوه الاطفال المراهقين. 

هل كنت مستيقظا عندما عُدنا؟ كلا قلت لها. استطيع ان انام في اي مكان و زمان. لقد عودت نفسي على النوم. لم احس على قدومكم. اه جيد جداً. لقد كنا متعبين. نمنا في ملابس السهرة كما ترى يا غريب. هل نناديك غريباً أم صديقاً ؟ لا يهم. الغريب الصديق ربما؟ 

- هيه يا ايها الصديق الغريب، هل ذهبت الى العمرة من قبل؟ 

- كلا

- لم لا

- لم امتلك الفرصة

- و اين ذهبت من قبل، اين تعيش

جلست اسرد بعضاً من مغامراتي. 

- و هل تعمل؟

- بين حينٍ و آخر 

- و انتنّ

-نحن ندرس

- حسناً.

توبة الصباح:

يمحي الصباح خطايا المساء، اريد ان اذهب المساجد أُعمِرها عند الظهيرة. انتفضت من جلستها الغريبة الصديقة. أين سألتها؟ في برشلونة اجابت على مهمل. ثم سألت هل كنت في اسطنبول ؟ نعم لقد زرتها من قبل، و انتنّ؟ نعم، مساجد جميلة. لماذا لا تأتي معنا الليلة؟ نتخذك صديقاً غريباً الليلة، تهزُ اكتافك، هنالك مشاريب غير كحولية، نحن لا نشرب الكحول. نحن فقط نهز الأكتاف يا ايها الصديق الغريب، تأتي و تنسى هموم الحياة، و لكن لسنا مسؤولين عن انخراطك في اي مشكلة يا صديقنا الغريب، نحن نستطيع ان نقف في مكان بعيد قريب.

و لكن قد عفى عني الزمان و مضى، قلت لهنّ. انتنّ شابات، تستطعنّ ان تسهرنّ حتى الصباح ثم تعاودون الكرة مرة و مرتين واثنين و ثلاث. انا رجل ثلاثيني، قدماي تؤلمني عند المساء، أضع بعضا من دهن الڤولتارين قبل ان انام ليخف الألم و انام بهدوء كقديس فقد أحبابه. أنا ما عدتُ شاباً يا غريبات. طاقتي محدودة و يجب علي ان اقيس المسافات، و ابحث عن مقاعد اجلس عليها اثناء الطريق. قبل التاسعة، احضر نفسي للنوم، أسمع اوبرا و اصنع لي شاياً أخضر مع قليل من السُكر. 

هل انت متأكد؟ تعال معنا ايها الغريب؟ و ماذا اصنع؟ تهزُ اكتافك! اريد ان اذهب حفلة تنكرية قلت لهنّ ، اسمع الى انغام رقص الفلامنكو، لا اريد ان انخرط في عمل مراهقين اضاعوا الصحبة و الطريق. و لكن سعيد بسعادتكنّ يا فتيات. ان كنتنّ سعيدات في سهراتكنّ فما يهمني شيء. يهمني ان نترك هذا العالم بقليل من السعادة و التفاؤل و السلام. و ان كان هز الاكتاف يساعد على ذلك. فليكن!

اتفقنَ ثم انهين الجملة: ان كان هز الاكتاف يساعدة على السلام، فليكن! 

..

..

هيه، ايها الغريب الصديق، هل لك ان تخرج للحظة نريد ان نستحم، نكمل ما سمعناه من هوسة الاغاني، و نحضر انفسنا للاسترخاء على البحر.. ثم ربما نسهر الليلة مجدداً. بكل تأكيد ايتها الصديقات الغريبات. سوف انزل اتمشى قليلاً ثم اخرج في مغامرتي الصغيرة. 

..

الى اللقاء! 










 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

غرباء المُدُن

 تبني الخط الوسط، و الانفتاح على غرباء المدينة غير منظور المسميات و الاشياء بالنسبة لي.  لقاءات عابرة مع غرباء. لا احكم عليهم. و لكن استمع ل...