الأحد، 15 يونيو 2025

ستوكهولم تضع على جُرحِكَ ضمادة

 إن كان جرحك عاطفياً بسبب انفصال عن حبيبة، او ترك صديق او صديقة، او سفر بعيد عن حبيبة. ستوكهولم تطيب جرحك، تمسكك من يديك، و تربت على كتفك، ثم تضع على جرحك ضمادة!


ثم هي لا تحكُم عليك. لا يهمها أصلك او فصلك، لا عشيرتك و لا بلدك، و لا ملبسك و لا عطرك. هي يهمها وجودك.

تأخذك في رحلة بحرية عبر قنواتها، تُهديك دراجة هوائية، لتجوب الشوارع طولاً و عرضاً و لا ينتبه لوجودك أحد. لا بل الجميع يبتسم في وجهك. هُم لا يهمهم من أنت، لكن يهمهم وجودك.


تجد نفسك فجأة عن كاملا ستان، المدينة القديمة.. تمشي حتى تصل وسط المدينة. تدخل متحف نوبل..نوبل الذي أخترع الديناميت الذي ترك في وصيته تخصيص ثروته لصندوق يعطي جوائز في الطب و الفيزياء و الكيمياء و الآداب و السلام. نوبل؟ اي نعم.. مخترع الديناميت.

ترى ملالا يوسفزاي. كنتُ قد قرأت كتابها بالعربية قبل سنوات. ثم ترى ناديا مراد من بلدك. تجلس على كرسي بعيد.. تتأمل، جميع الفائزون و الفائزات.. ثم تفكر.. كم عانوا يا ترى؟ ملالا و طالبان الذين هاجموها ام ناديا مراد و معاناتها الشديدة. 

تأخذك ستوكهولم من يديك مجدداً و تقول لك، يا ولد، ارى بأن جرحك قد طاب، سلاماً عليك اليوم و غدا و بعد عام. و ان اصابك  جرحاً مجدداً فلا تتردد في العودة. و اعلم بأنك ابننا لنا و منا و فينا و لن نتوقف عن استقبالك. فأجدادك هم أجدادنا، و احبائك هم احبابنا.. 

لا تنسى ستوكهولم تُضمد الجراح..




الثلاثاء، 10 يونيو 2025

المكتبة الوطنية في لندن و طلبة سادس كرنج و لفة بيض و بطاطا حارة

 حسناً سأخبركم بسر. المكتبة الوطنية هي ملاذي الآمن في لندن، بالأحرى أحد ملاذاتي الآمنة في لندن. كأنها عنوان إقامتي. كثرت العناوين.. يا لها من مفاجأة. 

تأخر القطار، ثم فاتني قطار، ثم لحقت قطار آخر متوجه الى كامبردج. كنت قد اعددت لفة بيض مغلفة بألمنيوم، و لفة بطاطس حارة مع صلصة وردية نسيت إسمٌها. 

قرأت ربما بعض الصفحات من رواية أوربت التي أشارف على اكمال قرائتها، ثم فتحت اللابتوب ارد على بعض من ايميلات الدراسة و العمل. 

وصلت لست متأخرا كثيرا. نزلت من بلاك فراير الى الاندر كراوند او كما يسميه الانكليز التيوب (بلهجتهم العامية جيوب)، عشر محطات الى سانت بانكراس، بالقرب من كينكز كروس (نعم من هذه المحطة كان ينطلق هاري بوتر و هرمايني و رون الى هوجورتس) و من هناك تمشيت عشر دقائق الى المكتبة الوطنية. 

ممتلئة بطلبة اعدادية و جامعة و دراسات اخرى. كان الحل الوحيد هو مشارك طاولة مع طلبة آخرين. في الطابق الثالث وجدت طالبتين "مدلوعات، صايعات من طلبة السادس الاعدادي" كما نقول بالمصلاوية. لكن هل يهم؟ يدرسون خمس دقائق و يضحكون كرنج عشر دقائق و هكذا. المهم وجدت طاولة، صياعهم لا يهمني. نزلت عند الكافيه مع لفة بيض و لفة بطاطا حارة عند الساعة الواحدة و جلست هناك أستمتع بسندويشاتي انظر الى واجهة المكتبة.. المكتبة الوطنية.

و المكتبة الوطنية هذه تذكرني بالحقيقة بالمكتبة المركزية بجامعة الموصل. أظن بأن التصميم مستوحى من المكتبة الوطنية هذه.. و الله اعلم. 

عدت الى طاولة المدلوعات، و ذهبن هنَ في استراحة طعام. 

قالوا لي عفواً هل تعتني بأغراضنا عندما نذهب. اجبت: الله و محمد و علي معاكم!

ثم غادرنَ.

المكتبة الوطنية، لندن


الاثنين، 9 يونيو 2025

قطار ويمبلدون و الصديق المعضل، كركبة و ازدحامات (بغداد) في لندن

اول ايام العيد الأضحى في لندن. بشر في كل مكان, في المطاعم و الكافيهات. كأن لندن تحولت الى بغداد الغرب. أراكيل و اغانٍ عربية و هوسات خليجية.

تُذكرني بقصص والدي أيام بغداد الثمانينات. ناس تحب الحياة. احتفالات و اهازيج و اطفال يصرخون!

تذكرة قطار واحدة الى المنزل. أكاد لا أشعر بقدمي. ربما مشيت ماراثون كامل. 

شدة الازدحامات أربكت القطارات. شاشات القدوم و الوصول اصبحت متأخرة من شدة الضغط المتواصل على الشبكة. تأخير و الغاء وجهات و كركبة في كل مكان.

توجهت الى محطة بلاك فراير. اتخذت هذه المحطة ملجأي للعودة في كل وقت. سهلة. أكاد اجزم بانني استطيع ان احدد موقعها من اي مكان. 

دخلت من عند البوابة بعد التلويح بتذكرتي امام القارئ. بالضبط عند الموعد.. اتى القطار مسرعاً محملاً و مثقلا بركابه من كل حدب و صوب. ركبت، ثم انظر الى شاشة الوجهة لاتفاجئ بان الوجهة ويمبلدون. اللعنة. من اين اتت ويمبلدون. سألت رجلاً معضلاً ركب بعدي: عفواً أين يتجه القطار؟ أجاب: الجسور الثلاثة. قلت له: لا انها الوجهة على طريقي. هذا القطار متوجه الى ويمبلدون يا صديق. 

مشينا نبحث عن مراقب القطار الذي يتحقق من التذاكر. نمشي و لا نراه..

تلتفت الينا امرأة ثلاثينية. هيه! تحتاجون شيئ؟

اجبنا: نحن ضائعون، نظن بأننا اتخذنا القطار الخاطئ.

اجابت الثلاثينية بصوت خافت، يبدون بأن صديقها\زوجها نائم بجنبها، هذا القطار متوجه الى ويمبلدون يا اصدقاء، شاشات العرض على الرصيف خذلتكم. هذا القطار متأخر ثلاثون دقيقة و نحن متوجهون الى بلدتنا. 

أجاب المٌعضل: حسناً ماذا نفعل؟ 

قالت له الثلاثينية: المحطة القادمة هي محطة القلعة و الفيل، انزلوا هناك ثم امشوا الى محطة جسر لندن و اركبوا بأول قطار يأتي. 

و هذا ما فعلنا. نزلنا انا و صديقي المُعضل الجديد عند محطة القلعة و الفيل شرق لندن. صديقي المعضل حجمه بحجم اثنين. عريض الاكتاف، عضلات و وشوم جميلة تلف ذراعه و رقبته، تتصل به صديقته كل خمس دقائق، توبخه، ترفع صوتها: لقد اضعت الطريق. تكلمنا على الطريق. تبادلنا احاديث و نكت ثقيلة و ضحكنا، و كانت صديقته تتصل به كل خمس دقائق، الو اين انت؟ من معك؟ قلت لها : هااي ! انه انا صديقته النحيف الجديد. لقد ركبنا القطار الخاطئ سوية. 

كان صديقي المعضل مرتبك حد الجنون. لاحقاً قال لي بأنه لم يزر لندن منذ عشر سنوات. لا يملك اي تواصل اجتماعي. لا تيكتوك و لا انستكرام و لا اي شيئ. يملك كلبين اثنين و حصان و صديقته الاثيرة. لاحقاً مزح معي و قال: صديقتي تحب الكلاب اولا، ثم الحصان، ثم آتي بالمرتبة الثالثة. قلت له بمزحة اثقل: هذا رائع، ليس سيئ على الاطلاق المرتبة الثالثة تعتبر بمثابة الاول .

تتصل الصديقة كل خمس دقائق، و المزحة الاخيرة كانت بأنني سوف احميه و اوصله الى محطته الاخيرة. قالت لي نعم فهو لا يسافر كثيرا في القطار و لا يعرف الوجهات. صديقي المعضل كان قد امضى الوقت مع رفاق الطريق من ايام الابتدائية. ربما كان قد شرب الكثير عند احدى حانات لندن العريقة. 

اوصلته الى المحطة. تبادلنا التحية. اتصلت صديقته الاثيرة. قلت لها مع السلامة كان وقتا رائعا مع صديقكٍ المعضل. ابتسمت، ثم ذهب. 

محطة بلاك فراير، دقائق قبل صعود القطار الخاطئ


الجمعة، 6 يونيو 2025

عيد أضحى، و لكن..

 اليوم هو اول ايام عيد الأضحى، و لكن كعادتي استمر من دون توقف. في العمل في الدرس في الحياة. انها بداية الثلاثين. لا أريد ان اتوقف. لا أريد ان اخسر الزخم الذي امتلكته خلال السنين. 

عن الظهر كان لدي اجتماع سريع مع مبرمج من نوتنغهام عرفتني عليه صديقة مشتركة. ثم اكملت الغسيل و ركضت الى محطة القطار للقاء الحلاق. 

ركض، و حياة سريعة، و وقت يقطعنا كالسيف. نركض خلفه و لا نمسك عقاربه. 

عيد سعيد، و ركضُ خفيف لطيف.. ربما!



الثلاثاء، 3 يونيو 2025

الجنوب الانكليزي: بلدة جيجيستر في غرب ساسيكس

كثيرا ما سمعتٌ عن هذه البلدة. في جامعتي بناية الهندسة و المعلومات اسمها جيجيستر تيمناً بالبلدة على ما اعتقد. حجزت تذكرة قطار من برايتون، حوالي ٤٥ دقيقة بالقطار. نوعية العربات تتشابه مع عربات قطار الجنوب بشكل عام ماعدا اختلاف اللون. و لأنها مدينة في الغرب، صعدتٌ القطار من رصيف رقم واحد. على عكس مكان الجامعة الذي يقع شمال شرق برايتون.

كتاب، دفتر مذكراتي الصغير، و كوب قهوة ساخن و ملفوفة. هذا كلُ ما احتاجه.


  كوب قهوة و ملفوفة 


مركز البلدة

كاتدرائية جيجيستر

ترتيب كاتدرائية جيجيستر هو الثالث في انكلترا من ناحية الارتفاع، و تأسست سنة ١٠٧٥، تقع داخل حديقة كبيرة و محاطة ببيوت و محلات تجارية. للوهلة الأولى تذكرني بكاتدرائية الساكخي كوغ وسط باريس. الأعمدة و الأقواس من الداخل و بعض من اجواء المشهد الداخلي. رٌبما تم بنائهم في زمنِ متشابه؟ يجب ان ابحث في هذا الأمر.. ! 


كاتدرائية جيجيستر من الداخل


ستوكهولم تضع على جُرحِكَ ضمادة

 إن كان جرحك عاطفياً بسبب انفصال عن حبيبة، او ترك صديق او صديقة، او سفر بعيد عن حبيبة. ستوكهولم تطيب جرحك، تمسكك من يديك، و تربت على كتفك، ث...